بين النساء والرجال: فوبيا تـسـاقـط الـشـعـر!

تكثر شكاوي تساقط الشعر بين الرجال والنساء، وهي شكوى مثيرة للقلق بل الرعب في بعض الأحيان.

نوضح بداية أن الشعرة تمر بشكل طبيعي بثلاث أطوار. وهي مرحلة النمو Anagen  وتستمر حوالي 3 سنوات. و مرحلة الراحة Catagen وتستمر عدة أسابيع . ومرحلة التراجع Telogen وتستمر عدة أشهر. 

وتختلف دورة نمو الشعر حسب عوامل عدة منها : الوراثة واختلاف الفصول ( الشتاء والصيف )، والجنس إذ أن عمر الشعرة لدى النساء يتراوح من ( 2إلى 8 سنوات ) وهو أطول بكثير منه عند الرجال.

ويؤدي دخول الشعرة في مرحلة التراجع إلى سقوطها مع الحفاظ على بصيلة الشعرة التي تشكل بذرة لنمو شعرة جديدة ستمر بكامل أطوار النمو السابقة ، ومن هنا يأتي تساقط الشعر الطبيعي ، فمن المقبول به تساقط من 100 إلى120 شعرة في اليوم دون وجود سبب مرضي.

أما أسباب تساقط الشعر المرضية فهي عديدة جداً تختلف بأشكالها سواء كان تساقط شعر موضع يصيب بقع محددة من فروة الرأس أو الجسم، أم تساقط شعر منتشر على شكل تساقط يتخلل الفروة، كما تختلف باختلاف بأسبابها ، فالصلع الذكوري أكثر حدوثاً لدى الرجال من النساء، إذ تعتبر الوراثة أهم سبب في الصلع وتزداد احتمالية ظهوره لدى الأشخاص الذين يحملون مورثة الصلع من كلا الوالدين.

وهناك إمكانية لإصابة النساء بهذا النوع من التساقط  ولكن بتواتر أقل من الرجال، ويكون نموذج التساقط هنا مختلف بشكله ، في هذه الحالات لا بد من البحث عن أسباب هرمونية لدى السيدة التي تعاني من الصلع ولا نكتفي بوجود الأسباب الوراثية.

أما أكثر أنواع تساقط الشعر المرضي شيوعا التي تصيب النساء فهو تساقط الشعر بسبب فقر الدم بعوز الحديد، والذي قد ينجم عن تغذية غير متوازنة، أو بسبب النزف الذي تتعرض له النساء بعد الولادة أو أثناء الدورة الشهرية.  إن هذا النوع من التساقط هو أسهل الأنواع من ناحية العلاج بعد التأكد من سببه بإجراء تحليل دم ومعايرة نسبة الحديد في الدم.

أما تساقط الشعر لدى النساء بعد الولادة فلا يعزى للنزف فقط بل للتبدلات الهرمونية التي تمر بها المرأة خلال الحمل وبعده وعادة يكون تساقط متوسط الشدة يبدأ بعد  3 ـ 5 أشهر من الولادة.

كما تسبب الأدوية تساقط في الشعر وهي من الأسباب التي كثيراً ما يغفل عنها ذلك أن المسكنات ( مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ) والتي يتناولها معظم المرضى بعشوائية دون وصفات طبية تؤدي بكثرة استخدامها إلى تساقط شعر متوسط الشدة . بينما الأدوية المضادة للأنقسام التي يعالج بها مرضى السرطان فإنها تؤدي إلى تساقط شعر شديد ، كذلك فإن بعض أنواع حبوب منع الحمل قد تؤدي إلى تساقط في الشعر رغم أن بعضها الآخر يحسن من كثافة الشعر.

أما تساقط الشعر بسبب الـشدّات   Stress مثل العمليات الجراحية أو الشدات نفسية فغالباً يبدأ بسرعة أي بعد أسبوعين تقريباً ويكون تساقط شديد كما أنه يصيب كلا الجنسين وبأي عمر.

كذلك فإن التغذية غير المتوازنة مثل ناقصة البروتين أو ناقصة العوامل الزهيدة ( مثل الزنك ) أو اتباع حميات غذائية غير مضبوطة لإنقاص الوزن كل هذا قد يؤدي إلى تساقط شعر الفروة ويكون تساقط شديد.

إن الأمراض التي تؤدي إلى ارتفاع الحرارة المتكرر مثل الحمة التيفية قد تؤدي كذلك إلى تساقط الشعر ويحدث ذلك بعد حوالي 10 أسابيع من المرض الأساسي وتشفى تماماً بعد فترة.

نأتي هنا إلى تساقط الشعر بأسباب تجميلية والذي غالباً ما يصيب النساء وحتى الفتيات الصغيرات بالعمر لا ينجون منه وذلك بسبب الإجراءات التجميلية الشائعة هذه الأيام لكل الأعمار وتزداد نسبة حدوث هذا النوع من التساقط بشكل تصاعدي ويعود التساقط إلى استخدام الأمشاط الحرارية أو الفرشاة المدورة أو تمليس الشعر أو تموج الشعر أو شد الشعر الشديد.

قد تترافق بعد الأمراض الداخلية بتساقط الشعر مثل الداء السكري ، قصور الدرق ، فرط نشاط الدرق ، القصور الكلوي.

إن عرة ( عادة ) نتف الشعر تعتبر الحالة الأكثر شيوعياً لتساقط الشعر بسبب عوامل نفسية مثل القلق أو الاكتئاب . لا يصيب فقط الأطفال بل قد يصاب بها الكبار وأحياناً ذوي مستوى ثقافي عالي وتحتاج هنا إلى استشارة نفسية إضافة للمعالجة الجلدية.

أما تساقط الشعر الموضع أو الثعلبة فلا تزال أسبابه غير محددة قد يعود لعوامل نفسية أو وراثية أو مناعية أو التهابية فقد تصاحب أي التهاب في الجسم وتشفى بشفاءه وهي لا تصيب فقط الفروة بل قد تصيب أي منطقة مشعرة بالجسم وتشاهد لدى الأطفال والكبار أيضا ولا بد من نفي الأسباب الفطرية في حال إصابة الأطفال.

قد يكون سبب التساقط في منطقة محددة من الفروة كيسة دهنية تحت المنطقة المصابة أو بسبب وحمة ثؤلولية أو وحمة دهنية.

في كل الأحوال قد يبقى سبب تساقط الشعر مجهولاً في 16 – 45% من الحالات وإن الوصول إلى العامل المسبب للتساقط يحتاج إلى حنكة ودراسة جيدة وأسئلة مكثفة فقد يبقى الطبيب مع مريضه وقت ليس بالقصير لحل هذه المشكلة.  

الدكتورة رزان قادري

استشارية أمراض جلدية والعلاج بالليزر