الصداف ...... أسبابه والآفاق العلاجيّة

الدكتور مهند علي الجندي

يمثّل الصداف مرضا جلديّا شائعا، ومشكلة حقيقيّة تؤثّر بشكل عميق على حياة المريض وحالته النفسيّة والاجتماعيّة، فما هي أسباب هذا المرض؟

 

لا بدّ من التنويه أنّ كثيرا من المفاهيم الخاطئة تنتشر في مجتمعاتنا العربيّة حول الصداف، كما أنّ عدم وجود علاج شاف كثيرا ما يدفع المرضى إلى البحث عن عقاقير شعبيّة وعشبيّة ويجعلهم عرضة للاستغلال من قبل من يسوّق هذه المستحضرات والإعلام الذي يروّج لها، وكثيرا ما يؤدّي ذلك إلى اشتداد المرض وتأزّمه، بدلا من شفائه.

 

 

 هل الصداف مرض وراثيّ؟

 من المؤكّد أنّ الوراثة تلعب دورا مهمّا في حدوث المرض، ولكنّها لا تكفي وحدها لظهوره.

 

إذا كنت مصابا بالصداف فهذا يعني أنّ أولادك معرّضون للإصابة بنسبة 14% ( أي أكثر بسبع مرّات من أقرانهم )، وترتفع هذه النسبة إلى 41% (أي أكثر بعشرين مرّة) إذا كانت زوجتك مصابة أيضا.

 

إنّ عدم وجود أيّ إصابة بالصداف بين الأقارب لا يعني استبعاد إمكانيّة حدوث المرض، لكنّ إصابة أحد أقاربك (خصوصا الوالدين أو الإخوة) يجعلك عرضة أكثر من غيرك للإصابة.

 

ما العوامل الأخرى التي تتضافر مع الوراثة لإحداث الصداف؟

 

كثيرا ما يعزو المريض ظهور الصداف إلى شدّة نفسيّة تعرّض لها، وهذا صحيح إلى حدّ ما، لكن يجب معرفة أنّ العامل النفسيّ ليس السبب المباشر وإنّما هو عامل محرّض لظهور المرض عند من لديهم استعداد للإصابة به . من جهة أخرى كثيرا ما يؤدّي التوتّر النفسيّ إلى تفاقم المرض الذي يسبّب بدوره تفاقم الحالة النفسيّة ممّا يعني دخول المريض في حلقة مفرغة.

 

 

هل تلعب العدوى دورا في حدوث الصداف؟

 

إنّ الصداف مرض غير معدٍ مطلقا.  في بعض الحالات يمكن لالتهابات البلعوم الجرثوميّة أن تكون عاملا محرّضا لظهور المرض خصوصا عند الأطفال.

 

يزيد التدخين من احتمال إصابتك بالصداف، ويجب الانتباهإلى أنّ المشاكل القلبيّة والوعائيّة تكثر لدى مرضى الصداف، لذا يجب الابتعاد عن التدخين عند كلّ المرضى.

 

أخيرا يجب الانتباه إلى أنّ بعض الأدوية يمكن أن تحرّض الصداف وتزيد من شدّته، ونذكر هنا الأدوية القلبيّة وبعض المسكّنات، لذا يجب مراجعة طبيبك واستشارته بهذا الخصوص.

 

 

يصيب الصداف الجلد والفروة والأظافر (كما يتّضح من الشكل السابق)، وتتراوح الإصابة من موضّعة على المرفقين والركبتين إلى معمّمة تشمل كامل سطح الجسم.

 

يمكن أن يسبّب الصداف في بعض الحالات التهابا في المفاصل قد يؤدّي إلى تخريبها.

 

إنّ الصداف مرض مزمن يمرّ خلال سيره بفترات من التحسّن والنكس، ولكن حتّى في الحالات التي يغيب فيها المرض (مع أو بدون العلاج) لسنوات طويلة، يبقى احتمال النكس قائما، لذا يجب التأكيد على عدم وجود شفاء نهائيّ للصداف حتّى الوقت الحاضر.

 

 

المعالجة:

يمكن السيطرة على المرض لدى معظم المرضى بالمراهم الستيروئيديّة وغيرها، وتمتدّ الفترة العلاجيّة من شهر إلى ثلاثة أشهر، وغالبا ما تتبع بفترة صيانة للحفاظ على التحسن ومنع النكس.يبدي الكثير من المرضى تحسّنا لدى تعرّضهم لأشعّة الشمس، وقد تمّت الاستفادة من هذه الظاهرة في تصميم مصابيح تصدر الأشعّة فوق البنفسجيّة، وهي ذات فائدة كبيرة في الحالات التي تمتدّ على مساحة واسعة من الجسم التي لا يكون استخدام المراهم عمليّا فيها.

 

في الحالات الشديدة تعطى علاجات جهازيّة (فمويّة أو بشكل حقن)، وهي تحمل المزيد من الآثار الجانبيّة بالرغم من فاعليّتها.

 

حديثا تمّ ابتكار مجموعة جديدة من الأدوية، تدعى الأدوية البيولوجيّة، وهي فعّالة جدّا وتعطى بشكل متقطّع بشكل حقن تحت الجلد أو في الوريد، بحيث لا يحتاج المريض بعد الفترة الأولى من العلاج إلا إلى حقنة واحدة كلّ شهرين، وهذا أفضل بكثير من الناحية العمليّة من استخدام المراهم وما تسبّه من إزعاج للمريض.

 

إنّ المشكلة الأساسيّة لهذه المجموعة من الأدوية هي أنّها باهظة الثمن، وهي لا تمنع احتمال نكس المرض بعد إيقافها، لذا يقتصر استخدامها حتّى الآن على حالات معيّنة.

 

أخيرا، نؤكّد على أنّ الإصابة بالصداف غالبا ما تكون محدودة وقابلة للعلاج بالمراهم، لذا يجب عدم تهويل المرض من جهة، وعدم توقّع شفاء نهائيّ مع أيّ من العلاجات من جهة أخرى.  

 

يمكن لغالبيّة المرضى متابعة حياتهم بشكل طبيعيّ باتباع العلاجات المناسبة واجتناب العوامل المحرّضة المذكورة أعلاه.

 

 

الدكتور مهند علي الجندي

استشاري أمراض وجراحة الجلد

مركز الجلد والحساسية