ترجمة كتاب أمراض الجلد الشائعة

 مما لا شك فيه أن استيعاب العلوم باللغة الأم أفضل من دراستها بأية لغة أخرى، لذلك فإنه على امتداد التاريخ لم تبدع أمة من الأمم إلا بلغتها، فإن اللغة ليست فقط وسيلة التخاطب بل هي وعاء الحضارة وأداتها، تدرس العلوم التطبيقية اليوم في معظم الدول باللغات الوطنية، وهذا ما أوصت به منظمة اليونسكو، باستثناء عدد قليل من الدول كانت تحت نير الإستعباد (الاستعمار). بل إن العجب أن تدرس العلوم التطبيقية بلغات كادت أن تموت لولا أن ناضل أبناؤها من أجل استمرارها مثل: العبرية!! فهل لغة القرآن أقل شأنا من اللغات الأخرى؟ إن العكس هو الصحيح، فإن الله قد اختار هذه اللغة من بين آلاف اللغات لكتابه المعجز الخالد مما يعني أنها لغة خالدة قادرة على استيعاب تغيرات الزمن ومستحدثات المستقبل.

 

  

 

 

 

 

مقدمة المترجم

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،

 

فمما لا شك فيه أن استيعاب العلوم باللغة الأم أفضل من دراستها بأية لغة أخرى، لذلك فإنه على امتداد التاريخ لم تبدع أمة من الأمم إلا بلغتها، فإن اللغة ليست فقط وسيلة التخاطب بل هي وعاء الحضارة وأداتها، تدرس العلوم التطبيقية اليوم في معظم الدول باللغات الوطنية، وهذا ما أوصت به منظمة اليونسكو، باستثناء عدد قليل من الدول كانت تحت نير الإستعباد (الاستعمار). بل إن العجب أن تدرس العلوم التطبيقية بلغات كادت أن تموت لولا أن ناضل أبناؤها من أجل استمرارها مثل: العبرية!! فهل لغة القرآن أقل شأنا من اللغات الأخرى؟ إن العكس هو الصحيح، فإن الله قد اختار هذه اللغة من بين آلاف اللغات لكتابه المعجز الخالد مما يعني أنها لغة خالدة قادرة على استيعاب تغيرات الزمن ومستحدثات المستقبل.

 

 إن تدريس الطب باللغة العربية ليس فقط مسألة كرامة وسيادة واستقلالية لكنه فوق ذلك يزيد الفهم والاستيعاب ويفتح مجال الإبداع، فقط أثبت الدكتور / زهير السباعي في الدراسة التي أجراها في كلية الطب بجامعة الملك فيصل أن نسبة المصطلحات الطبية في كتب الطب لا تزيد عن 3.3% من مجموع الكلمات، وأن الطالب الذي يدرس باللغة العربية تزداد سرعته 43% وتتحسن قدرته على الاستيعاب 15% عما لو قرأ باللغة الإنجليزية (زهير السباعي، تعليم الطب باللغة العربية، دار إبن الأثير، الرياض، 2003م).

 

 إن الدعوة لتدريس العلوم التطبيقية باللغة العربية لا يعني بتاتا عدم تعلم اللغات الأجنبية بل من الواجب على كل المتخصصين في هذه العلوم إتقان اللغة الأجنبية إلى أقصى حد ممكن ليتسنى لهم متابعة المستجدات وحضور المؤتمرات الدولية والمشاركة فها بفعالية. إن المتأمل في التاريخ الإنساني يلاحظ أن نهضة الأمم في العلوم التجريبية سبقتها حركة ترجمة قوية، ومن الأمثلة على ذلك الترجمة في العهدين الأموي والعباسي قبل النهضة العلمية القوية التي تلتها. كذلك سبقت النهضة الحديثة لأوروبا فترة ليست بالقصيرة من الترجمة عن العرب المسلمين حيث أنشأت مراكز خاصة للترجمة في بقاع مختلفة من أوروبا لذلك الغرض.

 

قد يظن البعض أن الذي يحتاجون للترجمة هو الشعوب المتأخرة، والحقيقة خلاف ذلك، فإن أكثر الدول ترجمة في العالم هو الدول المتقدمة، وأكثر الترجمات هي بين اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية. كما أنه من المؤسف أن تكون الدول العربية في ذيل القائمة من حيث عدد الترجمات بشكل عام، والترجمات في التخصصات العلمية بشكل خاص، والتخصصات الطبية بشكل أخص.

 

إن الخطوة الأولى نحو النهوض واللحاق بركب التقدم يكون بالترجمة، فهي البداية من حيث ما انتهى إليه الآخرون ثم يزاد عليها ويتم الانطلاق منها نحو النهضة العلمية الشاملة. ولقد أثبتت التجارب العلمية أن للترجمة القوية شروطا من أهمها معرفة المرتجم باللغتين وكذلك كونه من أهل التخصص في مجال العلم المترجم فيه، كما أن من عوامل نجاح الترجمة وازدهارها تشجيع المترجمين ودعمهم، ولنا في المأمون خير مثال فقد كان يدفع للمترجمين وزن الكتب المترجمة ذهبا. كما ألفت إنتباه القارئ إلى أني راعيت في هذه الترجمة ما يلي:

 

 1. اعتماد أسلوب ترجمة المعنى والابتعاد عن الترجمة الحرفية قدر الإمكان، والتي قد تنتج أسلوبا ركيكا عند النقل إلى العربية.

 

 2. اعتماد القواميس المشهود لها بالدقة مثل: قاموس حتي الطبي، والمعجم الطبي الموحد، وقاموس المورد للبعلبكي.

 

 3. تغليب الاسم الشائع على النادر وإن كان النادر أصح مثل: استخدام حب الشباب بدلا من العد وفيروس بدلا من حمة وأرتكاريا بدلا من شري.

 

 4. تعريب الألفاظ عالمية التسمية والمشتقة من اليونانية أو اللاتينية مثل الإكزيما والأرتكاريا والهربس. والتعريب هو أن يلفظ العرب الكلمة الأعجمية على الطريقة العربية، والتعريب قديم وليس فيه حط من قدر اللغة، فنجد في القرآن الكريم نفسه ألفاظا من أصل أعجمي كالفردوس والإستبرق وقرطاس، وقد جمع الكثير منها الإمام جلال الدين السيوطي في كتابه (المهذب فيما في القرآن من المعرب" (د. ممدوح حقي في دراسة منشورة في مجلة شؤونعربية العدد 11 يناير 1982م). ونحن اليوم لا نعتبر ألفاظا مثل: أسطورة وأسطول، وطازج، وهندسة وغيرها من الكلمات المعربة ذات الأصل الأعجمي ألفاظا خارجة على الذوق العربي أو محطة بقدر اللغة العربية (شحادة الخوري، الترجمة قديما وحديثا، دار المعارف، تونس 1988م).

 

 5. ذكرت التوضيحات أو التصحيحات لكلام المؤلف بين قوسين وختمت كلا منها بكلمة ...المترجم. قد يعيب البعض منا على المصطلحات الطبية العربية غرابة ألفاظها، ولي مع ذلك الوقفة التالية: إن المصطلحات العلمية المتخصصة في الإنجليزية مثلا تكون غريبة حتى على أهل اللغة الإنجليزية أنفسهم من غير المتخصصين، فعامة الناس لديهم لا يعرفون كلمة (patella) بل يستخدمون الكلمة العامية لها وهي (Keen Cap) وكذلك الأمر بالنسبة لمرضانا فهم لا يعرفون كلمة (الرضفة) ويستخدمون بدلا عنها (الصابونة). بل حتى للمتخصصين هناك كلمات غريبة مثل: (Levator LabiiSuperioris Alaeque Nasi) وهو اسم لعضلة بالوجه وأغرب منها (pitryiasislichenoidies et variloformis acuta) وهو اسم لأحد الأمراض الجلدية، فالمشكلة ليست في غرابة المصطلح الطبي العربي فقط، مع العلم بأن الغرابة تقل أو تزول مع كثرة الاستخدام.

 

 

 ومن الجدير بالذكر أن الأمراض الجلدية تشكل 15% من نسبة الحالات التي يعاينها طبيب الرعاية الأولية على الرغم من أنه لا يدرس عنها إلا النزر اليسير جدا في المرحلة الجامعية أو ما بعدها، وقد وجدت كتاب "أمراض الجلد الشائعة" لمؤلفه توماس بوينر مختصرا مفيدا ويتمير ببساطة العرض وسلاسة الأسلوب. وقد يستفيد من هذا الكتاب طلبة الطب وأطباء الإمتياز وأطباء الرعاية الأولية وجميع العاملين في المجال الطبي كما قد يستفيد منه إلى حد ما عامة الناس. حقا لقد كانت ترجمة هذا الكتاب عملا شاقا، ولعله كان أيسر لي أن أؤلف كتابا باللغة الإنجليزية في هذا الموضوع، وذلك لتوفر المراجع وسهولة النقل منها مباشرة، لكني آثرت الترجمة خدمة للغة القرآن وحبا مني لخوض غمار هذه التجربة الشاقة والشيقة. كما يسعدني استقبال ملاحظات ونقد القراء الكرام على عنواني المدون نهاية هذه الصفحة. هذا وإني أسأل المولى جلت قدرته أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينتفع به.

 

 المترجم الدكتور خالد بن محمد عوض الغامدي

 استشاري وأستاذ الإمراض الجلدية المشارك

ص.ب 24099 الرياض 11321 المملكة العربية السعودية

 البريد الإلكتروني: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.